قلاقل | هذا الوقت سوف يمضي ..

قلاقل | S02E03

قلتُ ٣٦: الموظفون ثلاثة: الأول موظف فنّي، ودور هذا أن ينفذ تعليمات المشرف عليه، مديراً كان ذلك المشرف أو رئيساً أو أيّاً كان مسمّاه، والثاني موظّف مشرف، ودور هذا أن ينقل تعليمات المشرف الأعلى منه إلى الموظف الذي تحت إشرافه، والثالث علي الغامدي، يتأمل.

ومّما تأمّل الغامدي هذا مع عشيرته الأقربون؛ نظرية الساعة الرملية التي أثارها صديقه الاتش ار في يوم سبت عند تصنيفه لكفاءات الموظّفين في المنظمات التي تزاملوا العمل بها، يقول: إن الاحتياج إلى الجدارات الفنيّة بالنسبة لمنصب الوظيفة مثل تدرج مجسم الساعة الرملية على افتراض ثنائية ابعاده، كلّما ازداد مستوى الوظيفة؛ كلّما قلّت الحاجة إلى الجدارات الفنيّة، حتى نصل إلى العنق الذي في المنتصف، حيث لا جدارة فنيّة لذلك الموظّف إلّا تسريب الرمل إلى الأسفل، وذلك في تقديره هو منزلة المنصب التنفيذي (C-level وما في حكمه)، وبعد ذلك؛ يعود الاحتياج إلى الجدارات الفنيّة كلّما ارتفعنا، وصولاً إلى أعلى مراحل الكفاءة الفنيّة في قمة الساعة، وهي جدارات فنيّة نوعية ومميّزة ليست إلا عند القيادات من مستوى صنّاع السياسات العامة والقرارات الاستراتيجية، والجدارات الفنيّة المطلوبة التي عند هؤلاء في الشقّ الأعلى؛ ليست كأختها التي لدى الشقّ الأسفل.

أقول: والحقيقة أنّهُ لمحزنٌ تقييم الأسفل لجدارة الأعلى رغم قصور إدراك من هم أعلى منهم؛ فضلاً عنهم.

أقول أيضاً: والحديث عن الأبعاد والمجسمات، ثَمَّ القياس على العلوم الطبيعية عموماً؛ شيِّق، ويذكّرني بنظرية التطوّر الكامل التي كنتُ جدفتها في سنةٍ مضت، تقول النظرية: إن دورة نمو الموظف الناجح في حياته المهنية مثل دورة نمو الحشرات، تتألف من أربع مراحل: ‏يكون في البداية بيضة تتطلّب الاحتضان، ثم يفقس فيكون يرقة، ثم يمر بانسلاخات متتالية بداخل جسد مديره حتى يصبح شرنقةً ليس بالحشرة وليس بالدودة، وأخيراً يكتمل نموه فينبثق فيصبح حشرة كاملة بحول الله وقوته.

أقولُ قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم.

“وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ”

سورة آل عمران (١٣٩).


قلتُ ٣٧: لا أصفني بالشاعر، ولا أراني إلّا ضعيفَ تصويرٍ وقليلَ إحساسٍ يُجيد نظم القوافي ووزن البيوت.

تفقدت ديواني مؤخراً بنظرة محلّل البيانات، لأعلم كم كتبت؟ وفيم كتبت؟ ولم كتبت؟ فوجدتُني أُكثر النشيد في الحالات البائسة، ثم اكتشفت أنَّ هذه طريقتي للفضفضة بدلاً من كبِّ العشاء، والحقَّ أنّها أعجبتني نفسي حينما أدركت أن عقلي الباطن هو من اتخذ هذا القرار بداهةً وليس عقلي الواعي .. أنشدت مرّة:

من بعدِ ما تَهَدَّما • أرجو بناءً أقوَمَا
ما أقبحَ الدنيا إذا مثلي لغيري أُلزِمَا
يا واوَ عمرٍو ما هَذَى هاذٍ عليكَ وإنَّمَا
حلّت عليّ مصيبتين من المصائِبِ مثلَمَا
حلّت على أهلِ الفِراقِ البعدَ والدَمعَ دَمَا
ولقد أردتُ الأَجْرَ لكنّي أصبتُ المأثَمَا
عجزاً رميتُ فأخطأَ الهَدَفَ المحدَّدَ ما انرَمَى
وظللتُ أجْحَدُ رَمْيَتِي وأكُرُّ ما رامٍ رَمَى
حتّى تخلَّعَتِ اليدَينِ وخِلتُها قد تَسلَمَا
يا لهفَ نفسي هل إذا دَبَّرتُ أمراً أُبرِمَا؟
اللهُ يعلمُ كم بنيتُ من البيوتِ فَهُدِّمَا

“وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرَّاءَ مَسَّتْهُ لَيَقُولَنَّ ذَهَبَ السَّيِّئَاتُ عَنِّي إِنَّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ”

سورة هود (١٠).


قلتُ ٣٨: لطالما كان وجود مالك في المدينة أمر ثانوي بالنسبة لي، فأنا أفتي دائماً سواء كان مالك موجود أم لا.

المهم .. كنتُ البارحة في حديث مهني ماتع للغاية مع مجموعة من الشباب الرائعين الذين ألتقيهم دورياً، جميعهم حصلوا على وظائف مرموقة مؤخراً، عددهم بي (٤)، وأنا الوحيد بينهم الذي لم يترمّق.

الشاهد .. لاحظت على دوريّتنا البارحة أن نغمة الاحتراق الوظيفي التي لا يخلوا اجتماع لنا دون أن تكون لحن الخلفية (Background Music) فيه؛ كانت غائبة عن نقاشنا على خلاف المعتاد، وجاءت محلها نغمة استقراء الشؤون، وتحليل المصالح، وكيفية خداع المسؤولين والقادة بالتعرض لضغط العمل، وما يحسن استخدامه من حيل لتقليل الأعمال التي تُناط بهم -حمانا الله وإياكم من مَنْيَطَةِ أصحاب الصلاحية الزائدة عن الحاجة-، ثُمَّ تطوّرَ النقاش حتّى فجَّر أحدهم تصريحاً مستغرباً منه، يقول: لا مناص من فضح القدر للموظف المتميز وإظهار كفاءته لقادة جهته، مهما تخبَّأ أو قلل الجهود، فهذا قدره.

شدّني التصريح، ثم أخبرت ذلك الأحد بنظرية الإقط، قلتُ له: لتحصل على رضا صاحب الصلاحية؛ اصنع إقطاً (الإقط: كعكة حامضة أساسها الحليب، ومن أسمائها: المضير) ثم قدّمها له، واطلب منه أن يضع أصابعه كلّها على الكعكة مبرّراً تصرّفك بأن تلك الضغطة من أصابعه هي كُلُّ ما ينقصك لتقدّم كعكتك إلى الآخرين، أَشعِر صاحب الصلاحية بأنّك في حاجة أصابعه كلّها وأن بصماته فحسب هي جرعة غير كافية، اجعله يعتقد بأن الكعكة لن تكون شهيّة وقابلة للتقديم إلا برسمة أصابعه، حتّى وإن كانت تلك الأصابع منفِّرٌ لدى البعض عن تناول الكعكة؛ لكن المهم أن أصابع صاحب الصلاحية سلّمه الله مطبوعة فيها.

“وَإِذَا خَلَوْا إِلَىٰ شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ”

سورة البقرة (١٤).


قلتُ ٣٩: حدثني ثقة من الأخوة قال: كنتُ أصلّي الظهر بأخٍ مسلم من الجالية البنقالية، وكنتُ قد وصلتُ يومها بالليلة التي سبقته، فجهرتُ في صلاتي بالفاتحة وانا أصلِّي الظهر، فضربني أخي البنقالي بكوعه وقال: “مدير، صلاة ظهر مافيه قرقر”.

“إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ”

سورة الحجرات (١٣).


قلتُ ٤٠: انتهى كلامي رحمني الله ..

أضف تعليق