قلاقل | هذا الوقت سوف يمضي ..

قلاقل: الحلقة الرابعة

قلتُ ١٦: بينما أكتب قلقلةً عن قراءتي للمشهد الاجتماعي بناءً على القواعد والنظريات، وأستشهد بهما يمنةً ويسرةً لقياس المعطيات، الأمر الذي قادتني له ظاهرة دخول الموسيقى إلى الشيلات؛ تذكرت أنني كنت قد عزمتُ قديماً على ألّا أتحدث عن الوضع الاجتماعي مرة أخرى إعمالاً للقاعدة الشهيرة: “وفّرها في جيبك”.

و “وفّرها في جيبك” قاعدة جميلة تحصر النظر على الأثر الناتج عن الفعل مباشرةً؛ دون الالتفات إلى مدى سلامة ذلك الفعل من عدمها، مثلاً:

١- ستُبدي رأي في موضوع ولكن رأيك لن يُحدِث أثر؟ وفّره في جيبك سواءً كان رأيك صحيح أم غير صحيح.
٢- ستتخذ إجراءات معينة في موضوع معين لكنها لن تُحدِث أثر؟ وفّرها في جيبك سواءً كانت إجراءاتك صحيحة أم غير صحيحة.

وهكذا دواليك ..

“فَقَلقَلتُ بِالهَمِّ الَّذي قَلقَلَ الحَشا
قَلاقِلَ عيسٍ كُلُّهُنَّ قَلاقِلُ”.

– المتنبي

قلتُ ١٧: خيبة الأمل تقود المرء نحو المشاعر النقيضة، وعلى المرء الحذر، فالأولى أن يعود عند خيبة أمله إلى الأصل لا أن يتّجه نحو النقيض .. مثلاً:

إذا كان الحب يعني الكثير من المشاعر الإيجابية؛ فالأصل أنّها لا مشاعر، أما النقيض فهو الكثير من المشاعر السلبية، أي الكره.

للتوضيح أكثر، دعونا نُجري تحقيقاً افتراضياً:

السؤال: فلان من عامة الناس ولا تعرفه .. هل تحبه أو تكرهه؟
الإجابة: لا

السؤال: فلان هذا رأيت منه أمور جيّده وأعجبك .. ماذا حصل بالضبط؟
الإجابة: اعطيته امتيازاً ووهبته مشاعر المحبة.

السؤال: فلان هذا تبيّن أنّك بالغت في تقديره، وهو لا يستحق ذلك الامتياز .. أين الخطأ بالضبط؟
الإجابة: في قرار منح الامتياز .. لم يكن قراراً صحيحاً.

السؤال: إذا كان قرار منح امتياز المحبة خاطئ، وقررت أن تُلغي ذلك القرار، فإلى أين يفترض أن يعود فلان؟
الإجابة: إلى مكانه الأول، فلان من عامة الناس.

السؤال: هل فلان من عامة الناس يستحق أن تتخذ قرار بمنحه امتياز الكراهية؟
الإجابة: لا.

السؤال: لماذا إذاً قرّرت أن تمنح فلان هذا الذي تبيّن لك عدم استحقاقه لامتياز المحبة الذي منحته له ثمّ سحبته منه؛ امتياز الكراهية؟
الإجابة: لأنّه خيّب أملي.

السؤال: على نفس المنوال السابق، ماذا لو أن شخصاً ما كنتَ قد قررت أن تمنحه امتياز الكراهية، ثم تبيّن لك أنّ قرارك خاطئ، هل ستعطيه امتياز المحبة تعويضاً له أم ستكتفي فقط بإعادته إلى موضعه كفلان من عامة الناس؟
الإجابة: سأكتفي فقط بإعادته إلى مكانه الأول كفلان من عامة الناس.

السؤال الأخير: لماذا تصيبك خيبة الأمل عندما تكون الضحية ولا تُصيبك عندما تكون الجلّاد؟
الإجابة: والله يامير مشاري ..

إذاً لكل ما سبق؛ اضبط نفسك، واخشوشن، ولا تكن دلّوعاً تكره كل من خيّب أملك، فالأولى عليك أن تعيد النظر في آلية منح امتيازات المحبة والإعجاب إن كُنتَ تصاب بخيبة الأمل كثيراً، وأن تخفض من سقف توقعاتك، ولعلّي أُشارككم جوهرة نظرياتي “نظرية الدوائر” في قلقلة لاحقة.

“وما أَدَّعي ما يَعلَمُ اللَهُ غَيرَهُ
رِحابُ عَلِيٍّ لِلعُفاةِ رِحَابُ”

– أبو فراس الحمداني

قلتُ ١٨: فعل الفعل الخاطئ بشكل خاطئ يعني أنك أخطأت مرتين، لذا افعل الفعل الخاطئ بشكل صحيح.

“يا رَبُّ مَعنىً بَعيدَ الشأوِ أَسلُكُهُ
في سلكِ لَفظٍ قَريبِ الفَهمِ مُختَصَرِ”

– القاضي الفاضل

قلتُ ١٩: في وقتٍ مضى؛ كان نجمي المفضل ذي الرقم (١٩) احتياطياً في مباراة فريقي الذي أُشجّع، وكان فريقي متأخرّاً في نتيجة تلك المباراة الحاسمة، ثمّ أدخله المدرب في الشوط الثاني بديلاً عن المهاجم الذي بدأ به، وقدّم نجمي أداءً هائلاً حتى أنّه سجّل هاترك، فأنشدت:

يا رأسَ حربتنا هتكتَ دفاعهمْ
وقصفتَهُمْ تاللهِ قصفَ المِدفعَا
أُنظُرْ إلى كُلِّ الدفاعِ فأيُّهُمْ
يَجرو فينظُرَ فيكَ نظْرَ تشجُّعَا
يتراجفونَ لخوفِهِمْ، يا ويلَهُمْ
لَهَجوا بـ”يا جِيسُوسَ” لهجَ تضرُّعَا
فارفقْ بِهِمْ باللهِ لا تُعطَ وزرَهُمْ
وارحمْهُمُ يرزُقْكَ حُسنَ المصرَعَا

“كرة القدم هي كرة القدم”

– ماجد عبدالله

قلتُ ٢٠: انتهى كلامي رحمني الله.

أضف تعليق